الثورة الصغيرة بتاعة يناير ١٩٧٧


بعد الثورة الصغيرة بتاعة يناير ١٩٧٧..
بحوالي أسبوعين ...
كان فيه اجتماع عام لفرقة "الفنانين المتحدين " في شارع القصر العيني...
كنا كلنا موجودين ... عادل و سعيد و يونس و احمد زكي و سمير العصفوري و سمير خفاجي و مشيرة اسماعي
ل و فؤاد المهندس و شويكار و حسن مصطفي .. غير طبعا طقم الادارة .. و العبد لله !
و كان البرنامج اننا نتكلم في المسرحيات الجديدة .. "شاهد ما شافش حاجة" اللي كان عادل بيعمل بروفاتها ... و "العيال كبرت" لسعيد و يونس و حسن و احمد و مشيرة للصيف اللي جاي و اللي كنت مفروض اعمل ديكورها ... و كام فكرة جداد لفؤاد و شويكار ..
و كان قبلها بيومين الجيش لسه في الشوارع و أنور السادات كان حا يطق من الغيظ ... لان الجمصي كان اشترط عليه يرجع في كلامه بالنسبة للأسعار اللي هيجت الدنيا ...
السادات كان مش مصدق ان الشعب الجربوع ده يقوم عليه ... عليه هو ؟ بطل العبور ؟ صانع القرار و نصر ٦ أكتوبر ؟
و عشان ايه ؟ زيادة أسعار ؟ صحيح انها أسعار السلع الاساسية .. عيش و سكر وزيت و غاز و ما شبه .. إنما طلعت نزلت .. شوية فلوس !!!
و راح جنابه مجلس الشعب و زعق و غضب و شتم و سمي الثورة " انتفاضة الحرامية" ( ما تزعلوش بقي لما يسموكم بلطجية بقي اليومين دول ! ) و قعد يخطب و هو متنرفز علي الاخر... لمدة ساعة ...
و طبعا الشعب كله باصص الناحية التانية !
المهم .. اتجمعت الفرقة و قعدنا حوالين طرابيزة الاجتماعات .. و ابتدينا نستعرض المشاريع الجديدة ...

فيه اتنين في القعدة كانوا مشهورين بأنهم عمرهم ما يضحكوا علي اي نكته : عادل امام و سمير العصفوري .... يعني لو حد عرف يطلع منهم ظل ابتسامة يبقي كوميديان جبار !
و جه دور فؤاد المهندس للكلام علي أفكار لمسرحيته الجديدة ...
فابتدا يبص في الورق اللي معاه .. و يقلب فيه .. و هو عامل نفسه غضبان .. و كل اللي بيقوله " ايه .. ايه ...ايه... " علي طريقة أنور السادات ..!
و طبعا " ايه .. ايه.." ابتدت تتنغم وتتنوع كأنه بيقول حاجات كتير .. و كل شوية يقلع النظارة و يمسحها ... وينشف عرقه و يلبسها ... و يدور في الورق .. و يتنرفز.. و يشوح بايديه ودراعاته ... ويطير النظارة و يشقطها في الهوا و يلبسها و يعدلها .. و ينشف عرقه تاني ... و هو مستمر : "ايه... ايه...ايه " و ما بيقولش غيرها !
و استمر العرض ده لمدة ربع ساعة ... و في اخره كنا كلنا واقعين في الارض من الضحك ... بنتلوي و عضلات بطننا و بقنا بتوجعنا من شدة الضحك و معانا عادل و سمير !
يومها .. شوفنا بعنينا عبقرية فؤاد المهندس في أحلك ظروف البلد ... بيحول اكتئابنا الجماعي لطاقة إيجابية من السخرية علي ديكتاتورية السادات ..!
و من غير ما يقول كلمة واحدة !

و انا مروّح لاقيت ورقة في جيب الچاكيت فيها طلبات للبيت بخط أمي .. من ضمنها :
"٢ كيلو لحمة بتلو من عند السبكي"

مين كان يتخيل ....!